صبحي والصبروط والقوة الناعمة لمصر ..

بقلم: شيماء عاطف
تتبادل الشعوب التهاني والتبريكات في مناسباتها المختلفة، لاسيما تلك التي تتخذ طابعًا دينيًا. حالة من البهجة والسرور والمشاعر الإيجابية اعترت صفحات المصريين على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” عقب إعلان دار الإفتاء المصرية أن عيد الفطر المبارك سيكون يوم الاثنين الموافق 31 مارس 2025. وكعادة المصريين من إعطاء المشاعر حقها؛ فإن التأهب للاحتفال بالعيد – كتراث مصري أصيل- تجلى في الاحتشاد بالساحات الكبيرة الواسعة والأندية والمساجد استعدادًا لأداء صلاة العيد، ناهيك عن تجليه على المستوى الشخصي للفرد أو الأسرة من تجهيز المنازل وصناعة الكعك وتزيين الشوارع وغير ذلك من تلك المظاهر المُعتادة في مثل هذه المناسبات.
لكن، يبدو أن التأهب للاحتفال بالعيد هذا العام قد أُضيفت له نكهة أخرى؛ نكهة ليست بالغريبة على المصريين، سواء في دافعها أو حتى على مستوى التطبيق والتعبير. فحالة البهجة التي اعترت صفحات المصريين على “فيس بوك” قد امتدت لتظهر على وجوههم؛ استيقظوا صباحًا وذهبوا لأداء الصلاة مهللين مكبرين مستبشرين إحياءًا لسنة تعظيم شعائر الله، لكن النكهة المُضافة المُلاحَظة هي أنهم أيضًا “مهمومون” بالقضية الفلسطينية ورفض تهجير أهل غزة.
دعك من الدافع وراء الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فهو معروف ومتماشي مع طبيعة المصريين المتآخية الخيّرة كما أشرت سابقًا، لكني سأقف عند تعبيرهم لموقفهم وتطبيقهم لدافعهم بالمواقف المختلفة.
“لا للتهجير” كان شعارًا واضحًا جليًا من القيادة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، حمل لواءه أيضًا الشعب المصري؛ فمن المُعتاد أن يطلق المصريون البالونات المنفوخة في السماء عقب أداء الصلاة، تعبيرًا عن الفرحة بقدوم العيد. ويتسارع الأطفال فيما بينهم يحصدون أكبر عددًا ممكنًا من هذه البالونات يحملونها في طريق عودتهم إلى منازلهم مسرورين منشرحين، لكن ماذا إن كانت هذه البالونات ذات ألوان تحمل دلالات واضحة وضوح الموقف المُتخذ تجاه القضية؟! فهذه البالونات كانت تحمل ألوان علم فلسطين.
زُينت سماء مركز شباب “نزلة الأشطر بالجيزة” التابع لمديرية الشباب والرياضة بالجيزة بلوحة فنية تحمل رسائل قوية مؤثرة، إذ كانت البالونات بألوان الأحمر والأبيض والأسود والأخضر، الألوان المُمَثِلة لشكل علم فلسطين. حيث قام مسئولو مركز شباب نزلة الأشطر بإدارة “أبو النمرس” بالجيزة تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، وتوجيهات الدكتور محمود الصبروط، وكيل وزارة الشباب والرياضة ومدير مديرية الشباب والرياضة بالجيزة، بالتعبير عن موقفهم تجاه قضية رفض تهجير أهل غزة، ودعم القضية الفلسطينية، بإطلاق البالونات التي تحمل العلم الفلسطيني في سماء ساحة الصلاة بـ”نزلة الأشطر”، والتي صحبها التهليل والتصفير الداعم من قِبل المصريين المحتشدين هناك لأداء صلاة العيد.

مشهد تجلت فيه “القوة الناعمة لمصر” وعكس صورة مشرفة وقدوة ومثالًا يحتذى به لمديرية الشباب والرياضة بالجيزة التي أرسلت رسالة بهذا المشهد المهيب مفادها أن “القضية الفلسطينية في الحسبان، وتشغلنا دائمًا حتى في أشد اللحظات سعادة وفرحة، رسالة من قلوب شباب مصر مهد الحضارات والتي تقود العالم على مر التاريخ بمواقفها الثابتة رغم الضغوط والتحديات التي تواجهها، لكنها لا تجعلها تغير مبادئها أو تساوم على مقدرات ومصائر الشعوب وحقها الأصيل في تحديد مصيرها”، لذلك أرسل أهالي مركز شباب نزلة الأشطر رسالة للعالم مفادها “لا للتهجير” حتى في أشد اللحظات السياسية بأسًا وصلابة، والاحتشاد على قلب رجل واحد حيث يعكس الموقف الرسمي والشعبي المصري واضحًا جليًا من القضية الفلسطينية، ورفض تهجير أهل غزة، وموقف مصر الثابت الذي لا يتغير. وكما جددت ليلة العيد الأمل فينا، جددت أيضًا الألم الدفين على شهداء العِرض والأرض ودعم مصر لهم سياسيًا وشعبيًا.